تفسير سورة التكاثر
اسم السورة لها أربع أطروحات
الأطروحة الأولى: التكاثر.
الأطروحة الثانية: السورة التي ذكر فيها التكاثر.
الأطروحة الثالثة: تسميتها بالكلمات التي بدأت بها: [أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ ].
الاطروحة الرابعة رقمها في المصحف الشريف وهو: 102.
سؤال: مَنْ هو المخاطب بقوله تعالى: [أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ]؟.
جوابه: إنَّ فيه أطروحتين:
الأولى: أن يكون خطاباً لمن يتصف بهذه الصفة, وهو مَنْ ألهاهُ التكاثر
فيكون المراد: يا مَنْ ألهاكم التكاثر قد ألهاكم التكاثر.
الثاني: أن يكون خطاباً لأهل الدنيا, وهم عامة البشر
الذين جعلوا الدنيا أقصى همهم ومبلغ علمهم
فإنهم على هذه الحال سيلهيهم التكاثر.
وهدف السورة هو التحذير من الدنيا والتقريب للآخرة
والتركيز بالعقوبة: [لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ...], أي إذا الهاكم التكاثر.
سؤال: ما معنى اللهو؟
جوابه: قال الراغب في المفردات مادة (لهى):
اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه, يقال:
لهوت بكذا ولهيت عن كذا, اشتغلت عنه بلهو.
قال تعالى: [الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ...][ سورة محمد: الآية 36] .
[وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ...][سورة العنكبوت: الآية 64] .
وقال الراغب أيضاً: ويقال: الهاه كذا, أي شغله عما هو أهم اليه
قال تعالى: [أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ].
أقول: الإنسان في حياته يواجه أموراً ومحتملات عديدة
يكون بعضها أهم من بعض أو قل: يكون بعضها أهم وبعضها مهم
أما دنيوياً وأما أخرويا, وأما من كلا الجهتين:
فإذا اخذ الفرد بالجانب الأقل أهمية وترك الجانب الأهم
كان هذا لهواً في حدود المعنى اللغوي الذي سمعناه
ونتيجة ذلك: إنَّه يكون معاباً اخلاقياً أولاً, ودنيوياً ثانياً, وأخرويا ثالثاً.
ومن مصاديق ذلك: اللهو العرفي بالالتزام بما هو ادني عرفاً وترك ما هو أعلى
ومن مصاديقة الرئيسيَّة أيضاً: التلهي بأعمال الدنيا عن أعمال الآخرة.
ومن مصاديقة أيضاً: إنَّ الإنسان ينصرف إلى عمله الشخصي وينسى العمل لغيرة
فيكون عمله سبباً للغفلة من عمل الآخرين الأكثر أهمية, إن كان كذلك
فمقاربة الدنيا تكون دائماً بهذه الطريقة
قال تعالى: [وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ].
لأنهم يهتمون بالدنيا, وكأن الآخرة غير موجودة
وان كانوا يعتقدون بإصول الدين
فقوله تعالى: [أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ]
أي صار التكاثر سبب غفلتكم عن الآخرة.
سؤال: ما معنى التكاثر؟.
جوابه: قال في المفردات[مادة كثر]:
والتكاثر: التباري في كثرة المال والعز, قال تعالى: [أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ].
أقول: هنا توجد أكثر من ملاحظة:
الأولى: التباري هو المفاعلة, كالتضارب والتناصل ونحوها
فلا بد من وجود اثنين أو أكثر ليحصل ذلك.
وهذا هو حال أهل الدنيا كل منهم يحاول الزيادة على صاحبه
ليكون أكثر نفراً و اعز حالاً.
ولكن في الإمكان صدق هذه القضيَّة من دون لحاظ الآخرين
فالتكاثر هنا ليس إلا الاستزادة من المال وهذا هو العمدة
وخاصة إن لاحظنا وجود الباطن السيئ لدى هذا الفرد.
فالأول من باب المفاعلة وهي المكاثرة دون الثاني
وهو التكاثر, فانه أعم وكلاهما محتمل في الآية.
الثانية: إنَّ التكاثر إما إثباتي أو ثبوتي, فالتكاثر الاثباتي
هو كل صورة ذهنيَّة لهدف دنيوي, كأحلام اليقظة أو التخطيط لتجارة معينة
فهو ليس تكاثراً حقيقياً أو خارجياً, ولكنَّه تكاثر إثباتي
أو قل تكاثر بالحمل الأولي لا بالحمل الشائع
ومن انتهى إلى هذه الأفكار, فقد غفل عن الآخرة
والتهى بالدنيا عنها. في حين ان التكاثر الثبوتي
هو تطبيق تلك الأفكار عملياً وهو اشد في تسبيب اللهو.