-الترك
ترك الذنب هو أولي شرائط التوبة المقبولة، وما معني توبة من يستغفر الله من شرب الخمر والكأس مستقرة بين يديه.أو يعزم قلبه علي ترك الكذب ولسانه لا شغل له سوي افتراء الكذب. أو من يبارز الملك المعصية ثم يطلب منه الأمان!!.
إنها توبة..لكن توبة الكذابين وسلوك غير أولي المؤمنين، المستهزئين أحكام رب العالمين
أستغفر الله من استغفر الله من لفظة بدرت خالفت معناها
وكيف أرجوا إجابات الداعي وقد سددت بالذنوب عند الله مجراها
أما المؤمن فيقلع عن الذنب بتوبة، ويرجع إلي الله بدمعة، وتتجافي نفسه عن فراش المعصية، ويأنف قلبه من حياة الغفلة.
تنبيه
• ولكن هل معني ذالك أن التائب يقلع عن ذنبه فلا يعود إليه أبدا.
• كلا ففي الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لايفارقه حتى يفارق الدنيا ، إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا ، إذا ذكر تذكر).
• أخي التائب.. إقرأ هذا الحديث مرة ثانية.
• تأمل وصفه لهذا العبد..بالمؤمن..نعم..المؤمن فكما أن لكل جواد كبوة، فلكل مؤمن زلة.كل مؤمن له نقطة ضعف يتسلل منها الشيطان وإليه ينفذ، لكنها جولة وليست معركة، وضربة وليت القاضية و فإذا جاءته الموعظة الصادقة والكلمة الهادية والنصيحة الراشدة يتذكر فيقلع، ويتذكر فيرجع وكان ذنبا لم يقع، وخطيئة لم ترتكب.
• صمام أمان
• تذكر: فلا يجاهر بالمعصية ولا تبجح بالخطيئة، ولا يرد النصيحة، ولا يرتكب الذنب ضاحكا حتى لا يدخل النار باكيا.
• تذكر:ففارق المعصية، وأهل المعصية، ومكان المعصية وكل ما يذكر بالمعصية.
• تذكر:فأدرك انه لحظة وقوعه في الذنب فهان في نظر الله وسقط من عينيه، فأوقعه في الذنب، ولو عز عنده وعلا لوقاه ونجاه أنقذه وهداه.
• هل علمت الآن معني قوله تعالي (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون )فور وقوع الذنب منهم ، وبدور التقصير عنهم.
• تذكروا قبل أن يرفع إبليس راية انصر فوق رؤوسهم ..فأخزوه قبل أن ينتفش، وأهانوه قبل أن يفتخر، وأردوه من شاهق إلي واد سحيق..كل ذالك كان بأنهم...تابوا.
• مهلة ست ساعات
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتبت واحدة)
ما هذا الكرم
نادي الله عز وجل الذين قالوا :إن الله ثالث ثلاثة ، وقالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم ، فقال (أفلا يتوبون إلي الله ويستغفرونه)
لطيفة
قال ميمون بن مهران:الذكر ذكران:ذكر الله اللسان، وأفضل من ذالك، أن تذكره عند المعصية إذا أشرفت عليها.
تناسب طردي
يتناسب الإيمان طرديا مع دوام تذكر الذنب فكلما قوي الإيمان كان الذنب حاضرا في الأذهان، مستقرا في الوجدان ، وغدا عف نسي العبد ذنبه قبل مغادرة موقع الجريمة، وأضاف إلي الذنب وإلي الخطيئة خطيئة دون معاتبة نفس أو حتى تأنيب ضمير .
*محمد بن سيرين يذكر ذنبه بفضل إيمانه..أرعين سنة، قال رحمه الله: أصابني دين، فقلت:أصابني بذنب أذنبته منذ أربعين سنة.قلت لرجل ك يامفلس.
*ومكحول ..يذكر ذنبه سنة فيقول : رأيت رجلا ساجدا وهو يبكي فقلت : يرائي فحرمت البكاء من خشية الله سنة.
*والفضيل ..يذكر ذنبه خمسة أشهر فيقول: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.
وعليك أن تحدد منسوب الإيمان في قلبك في ضوء هذه العلاقة، وتسأل نفسك: كم من الأيام، بل كم من الساعات تظل متذكرا ذنبك نادما علي فعله..
عطايا في بلايا
قال النبي صلي الله عليه وسلم (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).يحرمك رزقك لتفتقر إليه وتذل بين يديه، فيورثك بهذا الفقر غناه، ويعطيك بهذا الذل عزة، فما أكرم الله، وما أحلم الله، وما ألطف الله حين سلبنا ليوقظنا، وحرمنا ليعطينا..فمنعه ..صرخة تنبيه توقظ النائمين وتنبه الغافلين، والمؤمن يعلم هذا جيدا فيوقن أنه ما وقع بلاء بذنب، ولا صيد طير أو قطعت شجرة إلا بترك تسبيح، ولا نسيت سورة إلا بخطيئة (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ).
احذر مقدمات الذنب
كل ما أدى إلي حرام فهو حرام، ومن تمام إقلاعك عن الذنب إقلاعك عن مقدماته.
*إذا كنت تعلم من نفسك عدم صبرها عن النظر إلي الحرام، ثم دعيت إلي مكان تعرض فيه الفاحشة نفسها، وتبرز فيه المفاتن والعورات، فإن ذهابك إلي هذا المكان حرام.
*إذا علمت أن راحة جسمك في أن تنام 6ساعات مثلا ،ثم سهرت سهرا أدي بك إلي عدم إعطاء جسدك راحته،فضاعت منك صلاة الفجر من جراء ذالك ، فإن هذا السهر حرام .
إذا رافقت صحبة سيئة إذا ذكرت الله ألهوك، وإذا نسيت أضلوك، وإذا خمدت في قلبك شهوة أحيوها، أو استيقظ فيك ندم قتلوه، بحيث يكون سيرك معهم مقدمة الحرام، فإن مصاحبة هذه الرفقة حرام.
هذه وصية الزاهد العابد إبراهيم بن الأدهم حين قال لمن أراد التوبة:
(من أراد التوبة فليخرج من المظالم، وليدع مخالطة من كان يخالطه وإلا..لم ينل مايريد).
لطيفة
قالت زبدة أخت بشر بن الحارث : (أثقل شيء علي العبد الذنوب ، واخف شيء عليه التوبة،فماله لا يدفع أثقل شيء بأخف شيء).
2-الندم
ولادة الندم
* تندم.. لأنه قد هالك ما كان منك من انخلاعك عن الاعتصام باله وقت وقوعك في الذنب، وفرحك عند الظفر به ، وقعوك عن تداركه وإصرارك عليه مع يقينك بنظر الله غليك واطلاعه عليك.
* تندم لأنك بعت رفقة الملائكة برفقة الشياطين، ومجاورة النبيين في الجنة بمجاورة الشياطين في النار، ورحمة الله ورضوانه بسخط الله وعصيانه.
* تندم لأنك بهذا الذنب بددت رأس مالك الذي هو وقتك ، وباليتك أنفقته فيما لا يفيد فحسب، وإنما بذلته فيما فيه ضررك وأخذك وهلاكك (فكلا أخذنا بذنبه )
* تندم...لان الله بشؤم هذا الذنب قد يقبضك عليه، فيختم لك بخاتمة السوء، ومن مات علي شيء بعث عليه.
* تندم..لأنك لا تضمن قبول توبتك و إن تبت، و لا تأخذ صكا من الله بالمغفرة إن استغفرت، و لهذا قال الحسن البصري: ترك الذنب أهون عليك من معالجة التوبة، و ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة، فأنت في غير معمل؟!
و للندم علامة
* إذا ندم ظل العبد ندمه ينمو في قلبه إلى أن يغسل ذنبه بدمعه، فتسقط الدموع من خشية الله لترتفع بالتائب إلى أعلى عليين، و اسمع هذه البشارة النبوية: " عينان لا تمسهما النار أبدا.. عين بكت من خشية الله".
* بل إن ابن عمر يزف إليك البشرى في صحيح قوله:" لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار.
* لذا يبكي النادم مستبشرا ببشارة النبي عليه الصلاة والسلام مستأنسا بما كان يفعله محمد بن المنكدر مقتديا به، حيث كان إذا بكى من خشية الله مسح وجهه و لحيته بدموعه وهو يقول:
بلغني أن النار لا تأكل موضعا مسته الدموع.
* و من لم يستطع عصر عينيه لتبكي فليتكلف البكاء إلى أن يرزقه الله هذه الدمعة المنجية.
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
من استطاع أن يبكي فليبكي و من لم يستطع فليتباك.
هدنة مع الذنوب
أخي التائب...لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على ضياع ما مضى منه من طاعة لكان خليقا أن يحزنه ذلك حتى الممات، فكيف بمن يستقبل ما بقي من عمره بمثل ما مضى من عصيانه، هب أن المسيء قد غفر له أليس قد فاته ثواب المحسنين؟!
أخي التائب... اهتف في جوف الليل ... ناد في الأسحار... ارفع صوتك بالنداء:
يا رب إن ذنوبي اليوم قد كثرت فما أطيق لها حصرا و لا عددا
و ليس لي بعذاب النار من قبل و لا أطيق لها صبرا و لا جلدا
فانظر الهي إلى ضعفي و مسكنتي و لا تذقني حرا للجحيم غدا
لطيفة
قال بكر بن عبد الله المزني:" الرجل يخرج إلى الصلاة فتفوته في الجماعة، فإذا حزن لذلك أعطاه الله فضل الجماعة".
3- العزم:
اعزم على أن لا ترجع إلى الذنب و لا تعود، و كن رجلا في ذلك فإذا وعدت فأوف، و إذا نويت فاصدق، و إذا عزمت فتوكل على الله.
عزائم الرجال
مر مالك بن دينار، يوما في السوق، فرأى بائع تين، فتاقت نفسه إلى التين، و لم يكن يملك ثمنه، فطلب إلى البائع أن يؤخره فرفض، فعرض مالك على البائع أن يرهن عنده حذاءه مقابل هذا التين فرفض ثانية، فانصرف مالك و اقبل الناس على البائع و اخبروه عن هوية المشتري، فبعث بغلامه إلى مالك بعربة التين كلها و قال لغلامه : إن قبلها منك فأنت حر لوجه الله.
وذهب الغلام إلى مالك واضعا في باله أن يبذل قصارى جهده لينال حريته، فإذا بمالك يقول له: اذهب إلى سيدك و قل له : إن مالك بن دينار لا يأكل التين بالدين، و إن مالك بن دينار حرم على نفسه أكل التين إلى يوم الدين.
قال الغلام: يا سيدي خذها، فإن فيها عتقي.
قال مالك: إن فيها عتقك فإن فيها رقي.
رأى مالك أن شهوته أذلته و أن بطنه أهانته، فأدب نفسه و حرم عليها أكل التين زجرا لها و تهذيبا.
فكيف لا يعزم هذه العزمة من استزله شيطانه و أخضعته شهوته فسقط في بئر الخطيئة؟! كيف هان عليه أن يرى نفسه ذليلة مهينة دون أن يمد لها يد المساعدة و ينتشلها من مستنقع الهوان؟!
عزم يفل الحديد
وعى سلمة بن دينار الدرس فلما مر بالجزارين قالوا له: هذا لحم سمين فاشتر قال: ليس عندي ثمنه، قالوا : نؤخرك، قال : أنا أؤخر نفسي.
ووعاه أيضا إبراهيم بن ادهم حين شكى إليه الناس و قالوا: إن اللحم غلا، فقال: أرخصوه ( أي لا تشتروه).
يــا أخــي.. اسمع هذا القول الناطق بالحكمة الذي نطق به ابن سمعون حين قال:
" رأيت المعاصي نذالة، فتركتها مروة، فاستحالت ديانة".
بل ابشر انك بمجرد هذا العزم تنهمر عليك البركات و يفيض عليك الخير ألم تسمع أبا حزم سلمة بن دينار و هو يقول في كلام تستضيئ به القلوب:
عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر ، و إذا عزم العبد على ترك الآثام أتته الفتوح.
عجبا لعبد خائر العزم... ضعيف الهمة.. ليس له قوة إلا على الذنب، و ليس له عزم إلا على الخطيئة.
ألا من لقلب في الهوى غير منته و في الغي مطواع و في الرشد مكره
أساوره عـــن توبة فيقول لا فان قلت هذي فتنة قال أين هي
لطيفة
كان الفضيل بن عياض يقول للمجاهدين وهو يودعهم للقتال في سبيل الله:
عليكم بالتوبة، فإنها ما لا ترده السيوف.