بسم الله الرحمن الرحيم
ـ عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان "
ـ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : " كنت جالسا عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسمعته يقول : تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة ، قال : ثم مكث ساعة ، ثم قال : تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان ، يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك ، فيقول : أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة ، فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان : بم كُسينا هذه ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن ، ثم يقال له : اقرأ واصعد في درجات الجنة وغرفها ، فهو في صعود ما دام يقرأ هذاًً كان أو ترتيلا "
ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " يمثل القرآن يوم القيامة رجلا ، فيؤتى بالرجل قد حمله فخالف أمره فيتمثل خصما له ، فيقول : يا رب حملته إياي فشر حامل ، تعدى حدودي وضيع فرائضي وركب معصيتي وترك طاعتي ، فما يزال يقذف عليه بالحجج حتى يقال : فشأنك به ، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يكبه على منخره في النار . ويؤتى برجل صالح قد كان حمله وحفظ أمره ، فيتمثل خصما له دونه فيقول : يا رب حملته إياي فخير حامل ، حفظ حدودي وعمل بفرائضي واجتنب معصيتي واتبع طاعتي ، فما يزال يقذف له بالحجج حتى يقال : شأنك به ، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يلبسه حلة الاستبرق ، ويعقد عليه تاج المُلك ، ويسقيه كأس الخمر "
" قال ابن مسعود : ينبغي لقارىء القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، و نهاره إذا الناس يفطرون ، و ببكائه إذا الناس يضحكون ، و بورعه إذا الناس يخلطون ، و بصمته إذا الناس يخوضون ، و بخشوعه إذا الناس يختالون ، و بحزنه إذا الناس يفرحون .
قال محمد بن كعب : كنا نعرف قارىء القرآن بصفرة لونه يشير إلى سهره و طول تهجده .
قال وهيب بن الورد : قيل لرجل ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القرآن أطرن نومي .
و صحب رجل رجلاً شهرين فلم يره نائماً فقال : مالي لا أراك نائماً قال : إن عجائب القرآن أطرن نومي ، ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في أخرى .
قال أحمد أبي الحواري : إني لأقرا القرآن و أنظر في آيِه فيحير عقلي بها ، و أعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم ، و يسعهم أن يشغلوا بشيء من الدنيا و هم يتلون كلام الله ، أما إنهم لو فهموا ما يتلون ، و عرفوا حقه و تلذذوا به و استحلوا المناجاة به ، لذهب عنهم النوم فرحاً بما قد رزقوا .
أنشد ذو النون المصري :
منع القرآنُ بوعده و وعيده مُقَل العيون بليلها لا تهجع
فهموا عن الملك العظيم كلامه فهماً تذل له الرقاب و تخضع
فأما من كان معه القرآن فنام عنه بالليل و لم يعمل به بالنهار ، فإنه ينتصب القرآنُ خصماً له يطالبه بحقوقه التي ضيعها "
فيا من ضيع عمره في غير الطاعة ، يا من فرط في شهره بل في دهره و أضاعه ، يا من بضاعته التسويف و التفريط ، و بئست البضاعة ، يا من جعل خصمه القرآن و شهر رمضان ، كيف ترجو ممن جعلته خصمك الشفاعة ؟!!!
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه و الصور في يوم القيامة ينفخ .