لا شيء يسقم القلب ويعييه ويجهده مثل المشاعر السلبية، كالكره والحقد والضغينة واليأس والإحباط.
لا شيء يتعب النفوس مثلما تتعبها الأفكار السوداوية والإنغلاق ودوامة العيش في الماضي للأبد.
ولا شيء أصعب من قلب يحمل تراكمات الدنيا من خيبات أمل وفشل ونكران.
فلماذا الإصرار على الإحتفاظ بكل الذكريات المؤلمة والأشخاص الذين ما زالوا يسبَبون لنا الألم؟ لما لا نفتح قلوبنا على نافذة الأمل بغد أفضل ولقاء بأشخاص أفضل؟ إن قلوبنا مدينةٌ جميلةٌ ونقية، فلنحافظ على نظافتها ونقاوتها ولا نفتح أبوابها إلا لأولئك الذين يستحقون، لأصحاب العقول والقلوب النظيفة مثلنا.
القلب الأبيض وطنٌ لنا، فيه ومن خلاله نعيش أجمل لحظات العمر؛ وطنٌ يتسع لأكثر من شخص، فليس في القلب غرفةٌ واحدةٌ فقط يسكنها شخص واحد، يكون هو الحب كله والحياة بأكملها. ومتى ما غادر هذا الشخص يوماً توقفت ساعة الزمن عنده وبعده.
يمكن أن تكون في القلب غرفٌ عدة وكثيرة، يقيم فيها من الناس من نحب ومن يبادلنا الحب، تجمعنا الحياة معهم في ظروف مختلفة وتجارب مختلفة؛ فالبعض يترك حلماً ناقصاً، وبعضهم يترك ذكرى أليمة. وقد يترك بعضهم إحساساً بالندم أو الخوف أو الإنكسار، لكن في نهاية المطاف نحن من يحافظ على قلوبنا من الألم والقلق والهزيمة، بنسيان ومسامحة من أخطأوا بحقنا يوماً. فالنسيان لعبةٌ يمارسها الوقت علينا، ونمارسها نحن على قلوبنا مرغمين حين نشعر أن الذكرى الأليمة قد تعوق خطواتنا الثابتة في الحياة، حين نشعر أن الكره يجرنا إلى الخلف بدلاً من أن يدفعنا نحو الأمام. ومع مرور الوقت نتقن اللعبة فنلعبها على أنفسنا وننسى ونسامح، ليس عجزاً أو ضعفاً أو قلة حيلة، بل شفاءٌ وراحة للنفس التي تعذبها المشاعر السلبية. فإن أخطأتم إختيار الأشخاص، إعتذروا لقلوبكم على سوء اختياركم الذي كلَف قلوبكم الكثير من العنى والتعب، واحرصوا على أمانيكم الجميلة.
ولا تدعوا اى شىء يغتال أحساسيكم الجميلة ويفقدكم القدرة على الحب وأشياء أخرى لا تستمر الحياة إلا بها.
في المقابل، وحين نزور مدينة قلوبنا لا بد سنجد كثيراً من الأشخاص الذين نحتفظ بهم في أعماق وجداننا، الذين لم يتمكن غبار الوقت من إخفاء ملامحهم. هؤلاء الذين بادلونا الحب بالحب والوفاء بالوفاء والصدق بالصدق. هؤلاء الذين تتسع لهم قلوبنا وعقولنا وضمائرنا دوماً، هم الخالدون في العقل وفي الذكرى لأنهم حافظوا على قلوبنا بمحبتهم لها.
فشكراً للقلوب التي أحبتنا، وشكراً للقلوب التي علَمتنا أن نحب ولا نكره...