قيل لإبراهيم بن الأدهم رحمه الله :
ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟ وقد قال الله تعالى (وقال ربكم ادعوني
استجب لكم). قال بن الأدهم بان القلوب ميتة . قيل وما الذي أماتها؟ قال :
ثماني خصال :
عرفتم حق الله ولم تقوموا بحقه.
وقرأتم القرآن ولم تعملوا بحدوده.
وقلتم نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تعملوا بسنته.
وقلتم نخشى الموت ولم تستعدوا له.
سمعتم قول الله تعالى (إن الشيطان لكم عدو فاتخذتموه عدوا). فوطئتموه على المعاصي.
وقلتم نخاف النار وأرهقتم أبدانكم فيها.
وقلتم نحب الجنة ولم تعملوا لها.
وإذا قمتم من فراشكم خبأتم عيوبكم وراء ظهوركم وأظهرتم عيوب الناس أمامكم فأسخطكم ربكم. فكيف يستجيب لكم؟
ومن منا يستطيع آن يقول إن هذه الخصال التي ذكرها الرجل الزاهد العابد
القانت ابن الأدهم رحمه الله أنها ليست موجودة فينا. إنها قائمة في مجتمعنا
حتى أصبح يدعوا خيارنا فلا يستجاب لهم. نعوذ بالله من هذا الزمان المؤلم
الموحش الخطير الذي ستنحدر إليه الأمة إذا استمرت في سباتها وغفلتها والغرق
في المعاصي والذنوب. إن بعض المذنبين إن كلمته ناصحا وذكرته بان عذاب الله
شديد , رد عليك بان رحمة الله واسعة نحن معتمدون على رحمة الله وكرمه.
وعفوه وغفرانه. ولكن هذا العبد المعتمد على رحمة الله تعالى ينسى ويتناسى
انه قد أهمل أوامر الله ونواهيه نسي أن الله عز وجل بقدر ما هو واسع
المغفرة فهو تبارك وتعالى شديد العقاب ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين. ومن
اعتمد على العفو والمغفرة مع الإصرار على الذنب والمعصية فهو معاند مكابر.
وقال احد الصالحين: رجائك برحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق. إن
المعاصي والذنوب من الآثار القبيحة والمذمومة والمضرة بالقلب والبدن في
الدنيا والآخرة فهي مميتة للقلوب منها – حرمان العلم فان العلم نور يقذفه
الله في القلب أما الذنوب فهي تطفئ ذلك النور قال تعالى (واتقوا الله
ويعلمكم الله). ومنها – حرمان الرزق إن المذنب ليحرم من الرزق بالذنب
يصيبه.
ومنها- الوحشة والجفوة التي تقع بينه وبين الناس ولاسيما أهل الخير فتتضاعف
هذه الوحشة والجفوة حتى تستحكم لتقع بينه وبين اقرب الناس إليه وهم أهل
بيته فتراه مستوحشا من نفسه بعيدا عن الجميع.
ومنها – ظلمة يجدها في قلبه يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم.
ومنها – أن الذنوب توهن القلب وتحرم الإنسان من الطاعة وتقصر العمر وتمحق البركة فيذهب هذا العمر هباء منثورا.
ومنها – أن الذنوب تزرع أمثالها وتتعاقب بعضها بعضا حتى يعز على المذنب
مفارقتها والخروج منها وقال احد الصالحين : إن عقوبة السيئة, السيئة بعدها.
وان من ثواب الحسنة , الحسنة بعدها وشتان , شتان بين السيئة والحسنة.
ومنها – أن العبد ليزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه وتصغر في قلبه وذلك
علامة موت القلوب والهلاك فلنقلع عن الذنب ولنرجع إلى الله لتوبة صادقه
ونصوحة مكلله بالندم وعدم الرجوع على الذنب حتى نفوز بجنة عرضها السماوات
والأرض. لنفوز بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوة الملائكة. إن الله
تعالى أمر النبي أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات بقوله تعالى (الذين يحملون
العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا
وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم *
ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم
انك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات ومن تق السيئات فقد رحمته وذلك هو
الفوز العظيم). نسال الله أن نكون وإياكم منهم. بإذنه تعالى. أعاذنا الله
وإياكم من مرض القلوب. -