لمـاذا يـا هــذا ؟؟؟

لمـاذا يـا هــذا ؟؟؟



( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسي محمد أحمد )

لماذا تكون بعض النفوس ميالة للمشاحنات .. وراغبة في خلق المخاصمات .. تسقط فجأة من مستويات النظرة التي كانت عليها في حال سكوتها .. إلى حضيض المستويات عند إفراغ كلامها .. وخاصة إذا اجتهدت وألقت الكلام على عواهنه دون تدبر وعقلانية .. والإنسان بالفطرة يوجد نفسه في موقع مترفع في حال سكوته .. ولكن متى ما بدأ يثرثر ويأتي بغث الكلام حتى يبدأ بالظهور بأقل من حجمه السابق .. فنقول يا ليته سكت وكان عند مقامه ولم يتكلم .. فهو يفضح معيار نفسه بأحرف تبذله لسانه .. واللسان لا يأتي بالأحرف من الفراغ .. إنما يتناول من المتوفر في مستودعات الأخلاق .. وتلك علامة خطيرة تقول أن ذلك الإنسان لا يملك غير تلك السفا سف والغث من الأقـوال في مستودعاته .. ( تعجبك أجسامهم وإن تسمع لقوله كأنهم خشب مسـندة ) .. والسكوت غطاء لكثير من عيوب الناس .. فإذا أردت أن تعرف حقيقة إنسان فنقب في بواطن لسانه فهناك تكمن البراهين والأدلة .. هنالك عمالقة المقام الذين يملكون المنطق ودرر الكلام .. بعيدين عن ساحات الهرج والمرج .. ومع ذلك هم عادة يميلون للصمت أكثر منه للبوح .. لأنهم يخشون عواقب اللسان .. فهنا نقول يا ليتهم تكلموا .. فإذن مطلوب نادر مرغوب .. وآخر ثرثار متوفر ممجوج .. وذلك هو المحك والمعيار في ملاحقة المقامات الحقيقية . ومرحلة أخرى تمثل ظاهرة عند البعض .. وتلك الظاهرة تعني الرياء .. فعندما تكون أيدي الصداقة ممدودة من البعض .. واليد من أخ لأخ في العقيدة أو في القومية أو في العروبة .. ثم لا تكون مخلصة وصافية كما تتمنى النفوس .. وكما كانت سائدة بين المسلمين في السابق .. ولكن قبل أن تصل تلك الأيادي إلى مرحلة العناق فهي إما معضوضة من أحدهم .. وإما مرتشية من آخرين .. أو متعالية ومتكبرة في بعضها .. فهي تصافح بشدة في العيان .. وتعانق بالأحضان .. ولكن في الأعماق لديها أجندة القتال والخصام .. عند ذلك نقول بحكمة العقل ( لمـاذا يـا هـذا ؟؟!! ) .. فإذا كانت تلك التحيات لمجرد البرتوكولات فلا معنى لتلك المجاملات المبذولة من خارج شفاف القلب .. فالأولى أن تكون البداية بالصدق حيث الظاهر تماثل الباطن .. وبنفوس تتجرد من النفاق والرياء .. مثل الآخرين من القوميات بإشارات مودة لزوم البرتوكول فقط.. بعيداً لبعيد .. وتكفي كلمة ( هاي ) كما يفعل الخواجات .. وتلك أقرب للمصداقية وبعيدة من النفاق والتمثيل .. وقد طالت عهود التمثيليات .. وملت النفوس من كثرة المجاملات فقط من أجل المظاهر الخداعة ومن أجل أن يقال .. ثم ترافق تلك التمثيليات لمحات الأضواء من كمرات التصوير .. لتكون غداَ في الصفحات الأولى في وسائل الإعلام .. وحيث تظهر صور الوفاق والعناق والنفاق .. وهي في الحقيقة مظاهر تسقط فيها كل الأطراف .