قصة سيدنا نوح عليه السلام
mtop
كان في عهد النبي إدريس عليه السلام رجال صالحون ويذكر أن عددهم كان خمسة رجال عرفوا بالتقوى والإخلاص لله وكان الناس يحترمونهم آن ذاك وبعد وفاتهم نحث الناس لهم تماثيل ليتذكروهم ولم يعقب عليهم إدريس كون ذلك جائز في شريعته وبقي الناس على التقى والعبادة لله تعالى حتى وفاة النبي الكريم إدريس عليه السلام وبعد مرور سنين أضحى الناس بها في جهل ومنه استغل إبليس اللعين ذلك ليزين لهم عبادة تلك التماثيل والشرك بالله تعالى وهنا بعث الله عز وجل النبي الكريم نوح خلفا لإدريس عليهما السلام ليبلغ الرسالة رسالة التوحيد ويخرج الناس من الظلمات إلى النور ... فتعالوا إذن نتعرف وإياكم على قصة هذا النبي الكريم.
الفصل الأول :نبذة قبل بعث النبي الكريم نوح عليه السلام
كما ذكرنا سابقا فان قبل بعث النبي نوح كان الناس في عهد إدريس عليه السلام يعبدون الله ولا يشركون به شيئا ومنه كان خمسة صالحين من اتقى الناس يعرفون بالصلاح والتقى وكانت أسمائهم ( ودّ، سواع، يغوث، يعوق، نسر..) , وبعد وفاتهم حزن الناس عليهم ومنه كان أن نحتوا لهم تماثيل ليتذكروهم وعليه مرة السنوات وإدريس عليه السلام يدعوا الناس لعبادة الواحد الأحد حتى وفاته عليه السلام والناس على ملة الإسلام
فجاء أبنائهم وأبناء أبنائهم فانتقلت الخرافات والإشاعات حول هذه التماثيل وهنا جاء إبليس اللعين بصورة إنسانليخبرهم بأن هذه التماثيل كانت تعبد من قبل وكان ذلك من اجل إنزال المطر ونحوه وكذا لها قوة خارقة وغريبة وهنا أصبحت هذه التماثيل تعبد من دون الله وكان الناس آن ذاك يسجدون لها ويعظمونها وكانت هذه بداية الأصنام الجاهلية التي عبدت إلى وقتنا هذا فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فبعث الله عز وجل النبي الكريم نوح عليه السلام ليرشدهم إلى الطريق الصحيح طريق الإيمان بالله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ,
الفصل الثاني:نسب نوح ومولده عليه السلام
يعود نسب نوح عليه السلام إلى شيث ويعود نسبه إلى آدم عليه السلام باختصار والله اعلم بذلك ,
ولم يذكر نسب نوح واضحا لكثرت الإسرائيليات والخرافات ولتجنب ذلك ذكرناه عامتا و لم نحاول الخوض في هذه المسألة والله اعلم.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) (رواه البخاري)
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:(أن النبي كان إذا انتهى إلى معد بن عدنان أمسك وقال : كذب النسّابون)والله اعلم.
وأما بالنسبة مكان مولده يقال بالعراق والله اعلم بصحة ذلك وكان بين ادم ونوح عليه السلام عشرة قرون والله اعلم هل يقصد بالقرن مئة سنة أم أجيال كثيرة وعديدة ومنه يصبح آلاف السنين...
الفصل الثالث:حياته الشريفة عليه السلام
بعث الله عز وجل نوح عليه السلام إلى القوم الذين عصوا الله تعالى واتبعوا أهوائهم واتبعوا الشياطين بعبادتهم لتماثيل كانت من قبل لقوم صالحين وأتقياء لله تعالى ونظرا لكثرة الجهل جعلت هذه التماثيل آلهة من دون الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم,
ويعتبر النبي نوح عليه السلام أول رسول ذلك الوقت للناس من أجل إحقاق الحق والعدل وتوجيه الناس لعبادة الواحد الأحد الله رب العالمين فعاش عليه السلام يدعوا الناس ليلا ونهارا لعبادة الله ولكن قومه كفروا به وجحدوا بما جاء به من الحق من ربه فلبث عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما أي لبث 950 سنة من أول يوم دعا الناس في إلى مثله بعد مرور تلك السنوات .والله اعلم يدعوا الناس للحق
ويقول الله عز وجل في كتابه الكريم:(إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِيَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا
ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا
وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا
وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالا
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا)"سورة نوح"
ومن الآية الكريمة يخبرنا الله عز وجل عن حياة نوح عليه السلام حيث كان يعبد الله عز وجل لا يشرك به شيئا يعبده حق العبادة فأوحى الله عز وجل إليه أن يا نوح أدعوا قومك للحق أدعوهم إلى الصراط المستقيم أدعوهم لعبادة الواحد الأحد وترك تلك الأصنام والأوثان قبل أن يأخذهم الله عز وجل بعذاب أليم ,فانطلق عليه السلام إلى قومه يبلغهم الرسالة التي أوحيت إليه من الله تعالى ,قائلا لهم بأن يتبعوه ليرشدهم إلى الطريق المستقيم من أجل أن يعيشوا حياتهم مطمئنين حامدين عابدين الله عز وجل ,واستمر يدعوا قومه ليلا ونهارا سرا وجهرا وكان خائفا على قومه من أن يصيبهم العذاب بكفرهم وغيهم لهذا أصر عليه السلام أن يرشد وينصح قومه دون كلل أو ملل,فما كان من قومه إلا أن استغشوا ثيابهم أي أنهم غطوا أذانهم وأعينهم ورؤوسهم بثيابهم لكي لا يسمعوا بل لا يروا نوح عليه السلام وهو يدعوهم , نفورا منه واستكبارا ولكم أن تتصوروا هذا المشهد .
ولكن هل يأس نوح من دعوة قومه لما رأى ما رأى؟
لا بل كانت تلك تزيده إصرارا وعزيمة على الإرشاد والتوجيه ولم يتوقف عند ذلك بل اجتهد في عبادته لله عز وجل ودعوته لقومه فمن رحمة الله تعالى آمنت طائفة من القوم وأغلبهم من الفقراء والمعوزين وكانت تلك نعمة من الله أن هداهم إلى الطريق المستقيم ولكن رغم ذلك كانت هناك طائفة من الطبقة العالية من القوم التي استكبرت ولم تؤمن بالله فردوا عليه بقولهم له: ما نراك إلا بشرا مثلنا أي لست بملك أو حتى هل لديك نفوذ أو سلطة علينا أو هل حتى تملك قوى خارقة لكي نتبعك!
ولم يكتفوا بذلك بل قالوا له أيضا: إنا نراك في ضلال كبير أي لا نظنك على حق. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فرد عليهم نوح عليه السلام قائلا لهم: يا قومي ليس بي ظلاله ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون
أنظروا إلى صبر الأنبياء على أقوامهم صبر عظيم وكبير وإصرار دائم منهم على إحقاق الحق وتبليغ الرسالة رسالة الإسلام,ويخبرنا بذلك المولى عز وجل في كتابه الكريم بعد بسم الله الرحمان الرحيم :(لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(59)قالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ(60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ(61)أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(62)أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(63) ) "سورة الأعراف"
ومن الآية 60 إلى الآية 63 نلاحظ أن نوحا عليه السلام يخاطب قومه مفندا كل الادعاءات التي نسبت إليه والتي أيضا ليس لها أي صحة أو برهان مخبرهم أنه مجرد رجل ورسول حق من الله تعالى وليس بملك آو رجل خارق أو رجل غني أو كذا وكذا... بل رسول كريم من الله تعالى مبلغا رسالات الخالق إلى قومه ليهديهم بإذن الله إلى الطريق الصواب وترك الظلال والشرك ...
ولبث عليه السلام سنين وقرون يدعوا قومه بشتى الطرق والوسائل وما كان جليا لنا من سورة نوح الآيات التالية التي نلاحظ منها أن نوحا غيّر من طريقة دعوته لقومه بعد أن كذبوه في كل مرة يدعوهم فيها , فاستند في دعوته بالعلم و الحكمةويخبرنا الله عز وجل عن ذلك في القران الكريم :( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا
وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا)
أخبر عليه السلام قومه أن المطر الذي يروي النبات ومزروعاتهم حيث مأكلهم ومشربهم ومنبع حياتهم ينزِل بأمر من الله تعالى وليس من تلك الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع أحدا..
وكذا يخبرهم بأن تلك الأموال التي يملكونها وأولادهم كلها من الله عز وجل الذي أمدهم بما أمدهم من الخير والِنعم والبنين والمال وكل شيء , ويختم كلامه بتأنيبهم على تقصيرهم وعدم شُكرهم وتقديسهم لله تعالى الذي أعطى كل شيء حقه , ويخبرهم عليه السلام بأن خلقهم مر بعِدة أطوار ومراحل مهمة ويعطيهم مثالا عظيما على ذلك : السماءالتي خلقها الله عز وجل طبقات فوق بعضها البعض وهي سبع سماوات وجعل الله تعالى فيها القمر نورا مضيء ويستمد نوره من الشمس التي جعلها الله سراجا أي مصدرا للضوء والنور .. وهنا يخبر نوحا عليه السلام قومه بعظمة الله تعالى والذي لا يقتصر على خلق الإنسان فقط بل خلق الكون وكافة المخلوقات الموجودة به وهنا نقول سبحان الله رب العالمينومنه نستنتج أن نوحا عليه السلام يُلمح إلى قومه بأن يسبحوا الله عز وجل ويذكرونه بكرتا وأصيلا كما علمهم إدريس عليه السلام من قبل وكذا يُلمح إلى قومه أنه لم يأتي بشيء خلاف ما جاء به إدريس من قبل من علوم وحكم بل جاء نوح ليعيد إحياء تلك العلوم ويرسخها في الأذهان بل يربطها بالإيمان القوي بالله تعالى وكذا تعظيمه سبحانه وتعالى ,
ثم أخبر قومه عليه السلام بأنهم لم يٌخلقوا عبثا بل خلقهم الله تعالى من أجل العبادة والحمد بل والشكر لله وكما خلقهم من تراب فانه تعالى سيبعثهم من جديد بعد وفاتهم من تراب أيضا بمشيئته سبحانه (إن شاء تعالى)
وعليه فهناك دنيا وآخرة وهذا ما أراد عليه السلام إيصاله إلى قومه وشبّه عليه السلام مراحل الخلق إلى البعث بالزرع والنبات الذي ينبت في عدة مراحل انطلاقا من البذور التي تنموا في الأرض كالإنسان الذي يُخلق من الأرض
ثم تسقى بالماء سنين حتى تنموا وتعطينا الثمار وبعدها تذبل وتختفي لتصبح سمادا للتربة وكذلك الإنسان إلا أن الإنسان سيخرج من جديد للبعث والحساب والله أعلم
وأعطى نوحا قومه هذا التشبيه لأنهم أناس حقول ومزارع ويفقهون في ذلك لعلهم يتوبون إلى الله ويستغفرونه لما يسمعون كلام نوح عليه السلام ويفهمونه بل ويمحصون الأفكار التي أراد إيصالها لهم.
ولكن هل امن قوم نوح عليه السلام بعد كل تلك السنين من الوعظ والنصح والتبليغ المتواصل ؟؟
للأسف لا بل استنكروا كل ذلك وعصوا الله تعالى وتمادوا في غيهم وكفرهم ويقول الله تعالى فيهم في سورة نوح :( قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا
وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالا
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا)
نعم عصوا النبي نوح عليه السلام واتبعوا كلام المستكبرين والكفار واتبعوا الشيطان الذي يدلهم على الغي والفسوق بل والكفر اتبعوا كلام الذين لم يزدهم مالهم وولدهم إلا الخسران المبين
أي من أكرمه الله تعالى بالنعم والخير الوفير من أموال وبنين ثم يستغل ذلك في الشرك بالله والعصيان والفسوق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ,
وأعقب كل ذلك مكرا وخداع وأجمعوا أمرهم على أن لا يتركوا آلهتهم التي كانوا يعبدونها وأن لا يكفوا عن عبادتها وتقديسها من دون الله تعالى ويقول نوح وهو يدعوا رب: لا تزد الظالمين إلا ضلالا... لأن تلك الأصنام التي كانت تعبد من دون الله أضلت كثيرا من الخلق والناس وذلك نتيجة للجهل الذي كان في ذلك الزمان والله أعلم.
الفصل الرابع: بناء السفينة
بعد ما كان من ردود الأفعال القوم السلبية على ما جاء به النبي العزيز نوح عليه السلام أمره الله تعالى ببناء السفينة العظيمة استعدادا للطوفان العظيم الذي سيحل على قومه بكفرهم ومعصيتهم وذلك بعد أن اخبر الحق سبحانه رسوله الكريم انه لن يؤمن من قومه إلا من قد امن من قبل لأن نوح عليه السلام لم ييأس بعد مرور كل هذه السنين من الدعوة إلى الله تبارك تعالى فيا لها من همة وإقدام على إحقاق الحق,, فأين نحن من ذلك كله إذا أصابك شيء أو أعترضك ما يضرك ولا يسرك تيأس من نفسك ومن روح الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
بل يجب علينا الاقتداء بالسيرة العطرة لهؤلاء الأنبياء والرسل الكرام رضوان الله تعالى عليهم جميعا وكذا الإيمان بقضاء الله وقدره سبحانه
ويقول الحق سبحانه :)واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون)
ومن هنا يوحي الله تعالى لعبده بان يصنع الفلك (السفينة) فهي وسيلة النجاة من الطوفان وهي نجاة لمن امن مع نوح
و بأن يحمل عليها زوجين من كل فصيلة من الحيوانات والكائنات الحية على وجه الأرض.
وقد يتساءل البعض كيف يمكن أن يجمع نبي كل الكائنات على وجه الأرض وفي نفس الوقت يبني السفينة العظيمة والجواب هو أن الله عزوجل ألهم الكائنات الحية بالذهاب إلى السفينة بعد تتمة بنائها لكي لا يشق الله تعالى على عبده نوح هذا الأمر.
وكذلك اخبر الله تبارك وتعالى نوحا عليه السلام بطريقة بناء السفينة وكل الطرق والمعادلات الهندسية المعتمدة في ذلك فسبحان الله رب العالمين.
وسأقتصر في هذا الفصل والفصل القادم إنشاء الله تعالى على بعد الحقائق الثمانية التي قرأتها في احد المواضيع الذي اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجزي كاتبها وناشرها عنا خير الجزاء