منتديات الجوكر فيبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أحكام الاستئذان في السنة والقرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
rimou96
مشرفة
مشرفة
rimou96


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 102
نقآط التميز| : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/05/2014

أحكام الاستئذان في السنة والقرآن Empty
مُساهمةموضوع: أحكام الاستئذان في السنة والقرآن   أحكام الاستئذان في السنة والقرآن I_icon_minitimeالخميس مايو 22, 2014 2:57 pm

التمهيد
تعريف الاستئذان وحكمته التشريعية
أولاً: التعريف:
أ- التعريف اللغوي:
ذكر علماء اللغة للإذن استعمالات شتى، وأظهرها أنه يفيد معنى "العلم أو الإعلام"، يُقال: أذن به إذنًا وأذانة: أي علم([1]). وقال ابن منظور: وآذنه الأمر أعلمه، وأذنت أكثرت الإعلام، والأذان الإعلام. وقوله تعالى: }وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ{[التوبة: 3]. أي إعلام. وأذِن له في الشيء إذنًا: أباحه له. وأذن تأذينًا: أكثر الإعلام([2]).
وقال الفيروزآبادي: أذن بالشيء: علم به، واستأذنه: طلب منه الإذن([3]).
ووجه التعبير عن الاستئذان بالاستئناس: أنه مثله في معنى الاستعلام([4]) ويفسر الإذن في القرآن الكريم بما يتناسب مع السياق، فقوله تعالى: } قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ {[البقرة: 97]. أي بعلمه وإرادته وتسهيله وتيسيره([5]).
وقوله تعالى: } وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {[آل عمران: 145]. أي بأمره وقدره.
وقال تعالى: } وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ {[النساء: 64]. أي بأمره وتوفيقه.
وكلمة الاستئذان تفيد الطلب؛ لأن السين والتاء تدلان على الطلب.
وملخص القول: أن كلمة الإذن ذات معانٍ كثيرة يعنينا في هذا البحث أهمها وأظهرها، وهي: العلم والإعلام والإباحة والأنس والنداء([6]).
ب- التعريف الاصطلاحي:
الاستئذان في اصطلاح الفقهاء هو: فك الحجر وإطلاق التصرف لمن كان ممنوعًا شرعًا([7]). ويمكننا أن نصوغ تعريفًا للإذن من الحيثية التي تعنينا، فنقول هو: التماس الإذن تأدبًا خشية الاطلاع على عورة.
أو هو استباحة المحظور على وجه مشروع([8]).
ويمكننا أن نقول إنه: طلب الإذن في الدخول لمحل لا يملكه المستأذن([9]).
ثانيًا: الحكمة من مشروعية الاستئذان:
ما من ريب أن الأهداف الاجتماعية ترمي إلى أهداف سامية وفي سنها أحكام وحِكم يدركها المتفقهون. والتشريعات الإسلامية على الجملة تتوخى في شموليتها إسعاد المجتمع الإسلامي وبناءه على نحو فريد ليكون مجتمع إيمان وبِرّ وتقوى، متميزًا في خصائصه وسماته وأحوالها كلها. قال تعالى: } كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ {[آل عمران: 110]. وإن نظرة متأنية إلى أسرار أدب الاستئذان تكشف عن حِكمه وواقعيته، فالإنسان ذو غرائز وشهوات وميول ورغبات وليس كل أحد يمتنع عن إرسال شهواته ومسبباتها بدافع الضمير الإنساني أو بدوافع المروءة والنخوة كما يمتنع بالوازع الإيماني، والشريعة الإسلامية ذات أحكام ميسرة ونظرات بعيدة متعمقة فإنها إذا حرّمت شيئًا تحرم كل سبب وداعٍ يؤدي إليه.
فالإسلام مثلاً حينما حرم الزنا حرم دواعيه من النظر والخلوة والتبرج وكل ما يؤدي إلى الزنا، وكذلك حرم الغناء -أيضًا- لما ذكر بعض أهل العلم من أن الغناء بريد الزنا، فنظرة الإسلام بعيدة ومتعمقة لا يدركها كل إنسان.
ومن المعلوم خطورة النظر على المجتمع الإسلامي، فإن نعمة البصر أشرف وأعظم النعم في البدن، وكلما عظمت النعمة عظم الخطر، فمن لم يحفظ أشرف الحواس وهو البصر يقع في أقبح الأمور وهو الزنا، وهذا فيما يتعلق بالنظر المحرَّم، وإلا فإن الإسلام أباح من النظر ما فيه مصلحة أو ضرورة، كنظر الخاطب إلى مخطوبته -بل استحبه بعض العلماء- وكنظر الإنسان إلى محارمه.
وإذا كان النظر المحرَّم يشكل خطرًا عظيمًا على المجتمع المسلم الذي يتميز عن غيره من المجتمعات بالحشمة والسَّتر؛ فإن الشرع سنَّ آدابًا تتمشى مع مصالح المجتمع، فشرع الاستئذان، حتى إن الله -سبحانه وتعالى- أنزل أحكام الاستئذان في محكم التنزيل، وهذا من كمال التشريع الذي يلمّ بكل صغيرة وكبيرة، ومن أهمية هذا الأدب أيضًا.
والاستئذان أدبٌ رفيع يحفظ للبيوت حُرماتها، وإنها لحرمات عظيمة تطويها بيوت المسلمين، وأي حرمة أعظم من هذه الحرمة التي تجعل المصطفى r يهدر عينَ من اطّلع على دار قوم بغير إذنهم، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي، r قال: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه؛ لم يكن عليك جناح»([10]).
فالاستئذان يحقق للبيوت حرمتها، ويجنب أهلها الحرج الواقع من المفاجأة والمباغتة والتأذي بانكشاف العورات، والعورات كثيرة تعني غير ما يتبادر إلى الذهن، فليست عورة البدن وحدها وإنما يُضاف إليها عورات الطعام، وعورات اللباس، وعورات الأثاث التي لا يحب أهلها أن يفاجئهم عليها الناس دون تهيؤ وتجمُّل وإعداد، وهي عورات المشاعر والحالات النفسية، فكم منا من لا يحب أن يراه أحد وهو في حالة ضعف يبكي لانفعال مؤثر أو يغضب لشأن مثير، أو يتوجع لألم يخفيه عن الغرباء([11]).
ومن حِكم الاستئذان صيانة المرأة المسلمة عن التبذُّل، دون أن يراها أحدٌ غير مَحرم، ومن تأمل سورة النور وترتيب موضوعاتها وجد أن آيات الاستئذان جاءت بعد تقرير حدّ الزنا والقذف والوقاية منهما.
ويقول الشوكاني -رحمه الله- في صدد هذا الموضوع: لما فرَغ -سُبحانه- من ذكر الزجر عن الزنا والقذف، شرع في ذكر الزجر عن دخول البيت بغير استئذان؛ لما في ذلك من مخالطة الرجال بالنساء، فربما يؤدي إلى أحد الأمرين المذكورين. اﻫ([12]). فأدب الاستئذان متضمن لقطع ألسنة السوء من مظنة الريبة، فإذا دخل امرؤ بيتًا بلا استئذان وكان ذلك مباحًا، فقد يراه حال دخوله أو حال خروجه من يتهمه ويتهم أهل البيت المدخول عليهم بما لم يخطر ببال.
ولقد يصادفه حال خروجه ربُّ الدار وليس فيها إلا امرأته مثلاً، فتذهب به الظنون كل مذهب، ويجد الشيطان له في نفسه مرتعًا خصبًا، وربما جرَّ إلى خراب البيت وإلحاق أطفالهما بالأيتام، وتتسع المقالة لضعفاء الإيمان، فيخوضون في الأعراض بما ليس لهم به علم، فتشريع هذا الحكم من أعظم مظاهر الرحمة في تشريع الحنيفية السَّمحة([13]).
ومن كمال التشريع الإسلامي أن جاء بالاستئذان مفصلاً كما سيأتي بيانه -إن شاء الله-، فمنه الخاص ومنه العام، وقد أباح الله -سبحانه- للمماليك والصغار الطواف في البيوت بغير استئذان وذلك لحاجة أهليهم وأسيادهم إليهم إلا في أوقات ثلاثة، فقد فرض الله عليهم الاستئذان فيها، وهذه الأوقات الثلاثة هي: ما قبل الفجر، ووقت الظهيرة، وبعد العشاء.
فلا يجوز لأي إنسان الدخول في هذه الأوقات إلا بإذنٍ؛ وذلك لأنه وقتٌ يأوي فيه الناس إلى أزواجهم، وتنزع فيه الثياب، وقد يحصل بين الأزواج ما يحصل، فالدخول محظور حتى على الصغار والمماليك؛ لكي لا تقع أنظارهم على عورات أهليهم، وهذا أدبٌ قد يغفل عنه بعض الناس فيعتقد أن المملوك والصغير لا تمتد أعينهم إلى ساداتهم وأهليهم، وهذا اعتقاد خاطئ، بل إنه قد ثبت لدى علماء النفس أن اطّلاع الصغير على بعض المشاهد له تأثير في حياته النفسية، وقد يؤدي إلى أمراض عصبية.
وقد أدرك الإسلام كل هذه الأبعاد، فما أكمل تشريعات الإسلام وأشملها! ولكن أين الذين يعتقدون التقدم ويتبعون ما يُسمى بالحضارة، وهي أفكار انصبت عليهم من الغرب الفاشل؟! أين هم عن هذه التشريعات السَّامية؟! التي من المستحيل أن تأتي بمثلها عقول البشر، فهي أحكام صادرة من عند الله -سبحانه وتعالى- الذي أخبرنا أنه أكمل لنا ديننا وارتضاه إذ يقول تعالى: } الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {[المائدة: 3].
هذا ما جادت به النفسُ وأمكن تسطيره حول الحكمة من مشروعية الاستئذان وإن كان جهدًا يسيرًا، لكن لو لم يأتِ في حكمة الاستئذان إلا أنه أمرٌ من الله ورسوله لكفى؛ لأنه يغنينا عن البحث عن الحكمة، والله أعلم.

* * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
rimou96
مشرفة
مشرفة
rimou96


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 102
نقآط التميز| : 262
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/05/2014

أحكام الاستئذان في السنة والقرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحكام الاستئذان في السنة والقرآن   أحكام الاستئذان في السنة والقرآن I_icon_minitimeالخميس مايو 22, 2014 2:58 pm


الفصل الأول
الاستئذان في القرآن الكريم


وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: الاستئذان العام.
المبحث الثاني: الاستئذان الخاص.
المبحث الثالث: الاستئذان عند الانصراف.
المبحث الرابع: التحية عند دخول البيوت.
المبحث الخامس: خلوّ آيات الاستئذان من النسخ.
* * * *

المبحث الأول
الاستئذان العام
الاستئذان العام هو ما يكون خارج البيوت:
وفيه قوله تعالى: } لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ {[النور: 27-29].
هذه أول آية من آيات الاستئذان وهي آية الاستئذان العام، والتي أدَّب الله بها عباده المؤمنين وأرشدهم إلى الآداب الإسلامية؛ حيث كان الرجلُ في الجاهلية إذا لقي أخاه لا يسلَِّم عليه بل يقول له: حُيَّيت صباحًا وحُيَّيت مساءً([14])، فأبدلهم الله بتحية تجمع أكمل الدعاء وأنفع الخير والثناء([15])، وقد نهى الله عباده في هذه الآية عن الدخول في بيوت الغير إلا بعد الاستئذان والإذن، وجعل هذا من مقتضيات الإيمان.
والنهي للتحريم، فيحرّم على الإنسان أن يدخل بيت غيره إلا بإذنه؛ لما في ذلك من كشف العورات والاطلاع على ما يطويه الناس في بيوتهم ويتحفظون من اطلاع أحد عليه، ولأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، فكان كالغصب([16]).
وأما سبب نزول هذه الآية فلم يرد منه شيء في الصحاح، وكما قال الآلوسي: «إن ما ذكر في سبب النزول ليس مُجمعًا عليه»([17]).
ولكن معرفة سبب النزول، وإن كان لا يرتبط بالأحكام ارتباطًا كبيرًا، إلا أنه يعين على فهم المعنى وتصوره.
فقد روي أنها نزلت في امرأة من الأنصار، جاءت إلى النبي r، فقالت: يا رسول الله، إني أكون في بيتي على حالٍ لا أحبّ أن يراني عليها أحد، والد ولا ولد، فيأتي الأب فيدخل عليّ، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وأنا على تلك الحال، فكيف أصنع؟ فنزلت هذه الآية: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا{[النور: 27].
قال المفسرون: فلما نزلت هذه الآية، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: يا رسول الله، أفرأيت الخانات والمساكن في طريق الشام ليس فيها المساكن؟ فأنزل الله قوله تعالى: } لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ {[النور: 29]([18]).
وقوله تعالى: } غَيْرَ بُيُوتِكُمْ {الإضافة هنا تفيد اختصاص السُّكنى؛ لأن الإنسان قد يسكن ملكه وقد يسكن في غير ملكه، فليست الإضافة لاختصاص الملك.
وقوله تعالى: } حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا {. جاء في تفسير الاستئناس أقوال عدة، أشهرها قولان:
الأول: أن يكون الاستئناس من آنس الشيء إذا أبصره ظاهرًا مكشوفًا أو علمه، وهذا الاستكشاف والعلم يكون بالاستئذان([19]).
الثاني: أن يكون من الاستئناس الظاهر الذي هو ضد الاستيحاش؛ لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أُيؤذن له أم لا، فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أُذِنَ له زال عنه الاستيحاش. فيكون المعنى تستأذنوا([20]).
وقوله تعالى: } حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا { التعبير بالاستئناس قد يفيد معنى آخر غير الاستئذان، فهو استئذان وزيادة؛ لأن المعنى: حتى تستشعروا أنس أهل البيت بكم، ففيها إشارة لطيفة وهي أنه ينبغي للزائر أن يرجع إذا تبين له من حال صاحب البيت أنه لا يرغب دخوله وإن صرَّح بالإذن.
وقوله تعالى: } ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ {. أي الاستئناس أو التسليم خير من أن تدخلوا بغتة.
وقوله تعالى:} فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ {[النور: 28] أي إن لم تجدوا أحدًا من الآذنين فاصبروا حتى تجدوا من يأذن لكم.
ويحتمل المعنى: إن لم تجدوا فيها أحدًا من أهلها ولكم فيها حاجة، فلا تدخلوها إلا بإذن أهلها، وذلك لأن الاستئذان من أجل البيت وساكنه.
وقوله تعالى: } وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا{ أي إذا ردُّوكم من الباب سواء قبل الاستئذان أو بعده ممن يملك الإذن، فارجعوا أزكى لكم رجوعكم، وأطهر لكم من إلحاحكم ووقوفكم على الباب.
فالآية تضمنت الرجوع في حالتين:
في حالة عدم الإذن الصريح، كأن يُقال: ارجع أو لا تدخل.
وفي حالة عدم الإذن الضمني، كأن لم يكن بالبيت أحد.
وقوله تعالى: } وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {. أي ومن جملة علمه أنه يعلم من يدخل بإذنٍ، ومن يدخل بغير إذن؛ فيجازي كلاًّ بعمله.
وهذا الحكم في البيوت المسكونة؛ سواء فيها متاع للإنسان أم لا، وفي البيوت غير المسكونة التي لا متاع فيها للإنسان.
وأما البيوت التي ليس فيها أهلها وفيها متاع الإنسان المحتاج للدخول إليه فقال الله عنها: } لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ {.
والمعنى: ليس عليكم إثمٌ ولا حرجٌ، ونفي الحرج هنا يدل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة حرامٌ وفيه حرج([21]).
وقد اختلف العلماء في البيوت غير المسكونة والمتاع الذي فيها على أقوال أشهرها ثلاثة أقوال:
فقال بعضهم: إن البيوت هي الحوانيت والدكاكين في الأسواق، والمتاع المقصود به ما يُباع ويُشترى من السلع، وهذا مرويٌّ عن الشعبي.
وقال بعض العلماء: إن المراد بها الخرب التي تكون في المدن والقرى.
والمتاع هو قضاء الحاجة فيها من الغائط والبول، وهذا مرويٌّ عن عطاء.
وقال آخرون: بل هي الفنادق والبيوت التي في الطرق السابلة، الموضوعة لابن السبيل يأوي إليها، والمتاع فيها هو اتقاء الحرِّ والبرد. وهذا مرويٌّ عن مجاهد.
والذي يظهر أن المراد بالبيوت: كل بيت ليس فيه ساكن خاص كالدكاكين والحوانيت والفنادق -باستثناء الغرف المسكونة فيها- فتكون الآية عامة وهذا أولى([22]).
وقد روي عن جابر بن زيد([23]) قال: ليس يعني بالمتاع الجهاز، ولكن ما سواه من الحاجة؛ إما منزل ينـزله قوم من ليل أو نهار، أو خربة يدخلها الرجل لقضاء حاجته، أو دار ينظر إليها، فهذا متاع، وكل منافع الدنيا متاع.
قال النحاس -رحمه الله-: هذا من أجمع ما قيل في الآية... وهو شرحٌ حسن من قول إمام من أئمة المسلمين، وهو موافق للغة، والمتاع في لغة العرب: المنفعة، ومنه: أمتع الله بك، ومنه قوله تعالى: } فَمَتِّعُوهُنَّ{[الأحزاب: 49]([24]).
فتكون هذه البيوت مستثناة من العموم السابق، لأن قوله تعالى: } لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ { لفظٌ عامٌّ في كل بيت ليس ملكًا للإنسان.
فأخرج الله منه البيوت التي ليست ملكه، وفيها متاعه وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول فيها([25])، هذا ما يمكن إيراده حول الاستئذان العام.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحكام الاستئذان في السنة والقرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  أحكام الاستئذان في السنة والقرآن ج3
»  أحكام الاستئذان في السنة والقرآن ج2
»  أحكام الاستئذان في السنة والقرآن الفصل التاني
» أحكام صارمة لكبح إحتجاجات الطلاب بالجامعات المصرية..
» العسل في السنة النبوية المطهرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الجوكر فيبي :: الاقسام الاسلامية :: منتدى المواضيع الإسلامية العامة-
انتقل الى: